ما بعد وفاة الإمام المهدي (عج): هل تقوم القيامة أم تحصل الرجعة ؟
يرتبط ظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في عقيدة الشيعة الإمامية بمرحلة عظيمة من مراحل تاريخ البشرية، وهي "دولة العدل الإلهي"، التي تُعد خاتمة الظلم في الدنيا. لكن يبقى السؤال: ماذا بعد وفاته؟ هل تكون القيامة مباشرة؟ أم هناك مرحلة أخرى؟
الجواب بحسب معتقدات أهل البيت عليهم السلام: لا تقوم القيامة مباشرة بعد وفاة الإمام المهدي، بل تحصل "الرجعة"، وهي مرحلة متميّزة تقع بين ظهور الإمام المهدي ويوم القيامةأولًا: دولة الإمام المهدي (عج)
ظهوره:
سيظهر الإمام المهدي عليه السلام في آخر الزمان، ويقيم دولة عالمية عادلة.
قال رسول الله ﷺ:
«يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً».
مدّة حكمه:
الروايات تختلف:
بعضها تقول: ٧ سنوات (بالمقاييس الواقعية المكثّفة).
بعضها تقول: ٤٠ سنة.
وبعضها أكثر من ذلك.
قال الإمام الصادق عليه السلام:
«يملك القائم عليه السلام تسع عشرة سنة وأشهراً»
(الغيبة للنعماني ج ١ - ص ٣٥١
️ ثانيًا: وفاة الإمام المهدي (عج)
بعد أداء مهمته الكبرى في إقامة العدالة وتطهير الأرض من الظلم، يتوفى الإمام المهدي عليه السلام ، ويُصلّي عليه الإمام الحسين عليه السلام، كما ورد في بعض النصوص.
ثالثًا: الرجعة (عقيدة الرجوع قبل القيامة)
ما هي الرجعة؟
الرجعة: هي عودة بعض الأموات إلى الحياة الدنيا قبل يوم القيامة، خصّها الله بفئة من المؤمنين الخُلّص والظالمين الجبابرة، لكي:
ينتصر المظلوم من الظالم.
يتحقق الوعد الإلهي.
يظهر عدل الله الكامل في الدنيا.
مصادر العقيدة:
من الضروريات في مذهب الشيعة، وقد وردت في القرآن بتأويل الأئمة، كقوله تعالى:
﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا﴾ [النمل: 83]
ولم يقل "كل الأمة"، مما يدل على عودة "بعض" الناس فقط.
من يرجع؟
عن الإمام الصادق عليه السلام:
« إن الرجعة ليست بعامة، وهي خاصة، لا يرجع إلا من محّض الإيمان محضاً، أو محّض الشرك محضاً»
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٣ - الصفحة ٣٩
أبرز من يرجع:
الإمام الحسين عليه السلام، وهو من أبرز العائدين، وسيحكم بعد الإمام المهدي.
بعض الأئمة الطاهرين.
الأنبياء كآدم ونوح وإبراهيم.
المؤمنون المخلصون.
الظالمون كفرعون ويزيد وابن زياد وآل أبي سفيان، لكي يذوقوا الخزي في الدنيا قبل الآخرة.
رابعًا: ما هدف الرجعة؟
تحقيق العدالة الكاملة في الدنيا.
إقامة القصاص الإلهي المباشر.
إظهار كرامة أهل البيت وشيعتهم.
تسلية قلوب المؤمنين والأنبياء، برؤية انتقام الله من الظالمين.
خامسًا: نهاية الدنيا وقيام الساعة
بعد انتهاء مرحلة الرجعة:
يموت كل من في الأرض.
تنفخ النفخة الأولى (نفخة الصعق).
تُدك الأرض والجبال، وتُبَدّل السماوات.
ينفخ إسرافيل النفخة الثانية (نفخة البعث).
يبدأ يوم القيامة.
قال تعالى:
﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ...﴾ [الزمر: 68]
خلاصة المقال:
الإمام المهدي (عج) سيقيم دولة العدل، ويحكم لفترة طويلة.
بعد وفاته لا تقوم القيامة مباشرة.
تحدث مرحلة "الرجعة"، يرجع فيها أئمة وأولياء ومجرمون.
بعد الرجعة، تنتهي الحياة الدنيا وتبدأ القيامة.
هذا التسلسل ينسجم مع النصوص المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، وهو من معتقدات الشيعة الإمامية.
كلمة ختامية:
الرجعة ليست مجرد تصور خيالي، بل هي وعدٌ إلهيٌّ بالانتصار للحق قبل أن تطوى الدنيا. وهي جزء من عدل الله، كما أن القيامة هي جزء من رحمته وعدله معاً.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة