يعتقد أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) أن الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) هو الحجة الإلهية في هذا الزمان، وأنه حيٌ غائب عن الأنظار، لكن قلبه حاضر مع المؤمنين، يسمع دعاءهم، ويتألم لآلامهم، ويفرح لطاعتهم. ولذلك، فإن من يسعى لنيل رضاه وقربه، لا بد أن يُفكّر في "الهدية" التي يمكن أن يقدمها له، لا سيما في زمن الغيبة الكبرى الذي يشتد فيه الابتلاء والتمحيص.
هل يحتاج الإمام إلى هدية؟
في الظاهر، الإمام لا يحتاج منا شيئاً، فهو المعصوم، المؤيد من الله، الغني عن عباد الله، ولكن الهدف من تقديم الهدية إليه ليس إغناءه، بل التعبير عن الحب، والولاء، والانتماء، والرغبة الصادقة في نصرته والتمهيد لدولته. كما أن هذه الهدايا – الروحية أو العملية – تعود علينا نحن بالنفع، في الدنيا والآخرة.
أنواع الهدايا الممكنة للإمام المهدي (عج)
1. الالتزام بالفرائض وترك المعاصي
❝ما يَمنعنا من رؤية الإمام ليس غيابه، بل غيوم الذنوب التي تحجب أنظارنا❞
فأفضل هدية نقدّمها للإمام هي أن نعيش كما يُحب أن يرانا: على طاعة الله، متمسكين بالشريعة، نترك ما يُسخط الله، ونجاهد أنفسنا.
✦ الصلاة أول الوقت
✦ تجنّب الغيبة والنميمة
✦ البعد عن المال الحرام
✦ حفظ البصر واللسان
✦ برّ الوالدين وصلة الرحم
كلّ خطوة نخطوها في طريق الطاعة، هي بمثابة وردة نضعها في طريق الظهور.
2. الدعاء له بالفرج
❝أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإن ذلك فرجكم❞ (الإمام الصادق عليه السلام)
الدعاء للإمام بالفرج هو من أعظم الهدايا، لأنه يدل على الحب والاهتمام، ويدفع البلاء عن المؤمنين، ويُسرّ قلب إمامنا الذي ينتظر أن نشتاق إليه بصدق.
أفضل الأدعية:
دعاء العهد صباحًا (٤٠ صباحًا متتاليًا)
دعاء الندبة في صباح الجمعة
دعاء "اللهم كن لوليك..." بعد كل فريضة
3. إقامة المجالس والمواكب باسمه
كل مجلس يُذكر فيه الإمام المهدي هو نوع من التهيئة النفسية والاجتماعية لظهوره. عندما نقرأ عنه، ونتحدث عنه، ونُربي أبناءنا على حبه، نكون قد مهّدنا له الطريق.
✦ مجلس أسبوعي أو شهري مهدوي
✦ مواكب خدمية بإسمه
✦ مشاريع خيرية تُهدى إليه بنيّة تعجيل الفرج
4. التمهيد لظهوره عبر خدمة المؤمنين
«أفضل الأعمال انتظار الفرج» – أي أن نكون ممن يُمهّد لدولة العدل الإلهية.
وهذا لا يعني فقط الانتظار القلبي، بل أن نكون:
مصلحين اجتماعيين
دعاة للحق
محامين عن المظلومين
صادقين، أمناء، أوفياء
فالإمام لا يظهر ليبني وحده، بل يريد أتباعًا جاهزين.
5. نشر الفكر المهدوي
في زمن كثُر فيه الانحراف، لا بد من تثبيت قلوب الناس على الحق، ومن أعظم الهدايا نشر الفكر الصحيح عن الإمام المهدي، بعقيدته الصحيحة، وحجته البالغة.
✦ عبر الإنترنت (مقاطع، منشورات، فيديوهات)
✦ عبر الخطب، الدروس، والحوارات
✦ الرد على الشبهات بلغة عقلانية
6. زيارة نيابية عنه (للعتبات)
يمكنك أن تهدي له زياراتك لمراقد أهل البيت عليهم السلام، تقول: "نيابةً عن إمامي المهدي".
✦ زيارة الإمام الحسين نيابة عنه
✦ زيارة الإمام علي، الكاظمين، الرضا، فاطمة المعصومة... إلخ
إنها علامة حب وإخلاص.
7. الصدقة بنية سلامته وتعجيل فرجه
تصدّق ولو بالقليل، وضع النية: "هذه صدقة عن مولاي صاحب الزمان، لتعجيل فرجه، ودفع البلاء عنه".
قال بعض العلماء: لو أن كل محب للإمام تصدّق يوميًا ولو بأبسط شيء بنية تعجيل فرجه، لكان لذلك أثر عظيم في تسريع التمكين له.
خاتمة: الهدية التي تنتظرك بالمقابل
الإمام المهدي لا ينسى أحدًا من محبيه، فكل دمعة، كل دعاء، كل صدقة، كل خدمة، كل شوق صادق، ستحمله الرياح إليه، ويبلغه صداه، ويكون لك به ذكر عنده يوم لا ينفع مال ولا بنون.
"سلامٌ عليك يا عينَ الله الناظرة، ويا يدَ الله الباسطة، ويا بقيةَ الله في أرضه.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة