توزيع الثروات في حكومة الإمام المهدي (عجل الله فرجه): عدالة اقتصادية ربانية في عالم مضطرب

, منذ 18 ساعة 82 مشاهدة

مقدمة

تعد قضية توزيع الثروات من أعقد الإشكاليات التي واجهت المجتمعات البشرية عبر التاريخ، سواء في أنظمة الحكم الملكية أو الديمقراطية أو الاشتراكية أو الرأسمالية. وقد كانت العدالة الاقتصادية دومًا حلمًا صعب المنال، حيث يتكدس المال في أيدي قلة، فيما تعاني الأغلبية من الفقر والحرمان. غير أن الروايات الإسلامية تصف عهد الإمام المهدي (عجل الله فرجه) بأنه الزمن الذي تتحقق فيه العدالة الشاملة، ومن أبرز تجلياتها عدالة توزيع الثروة.

أولًا: الخلفية العقدية لتوزيع الثروة في دولة الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

في العقيدة الشيعية، يعد الإمام المهدي (عجل الله فرجه) الإمام الثاني عشر المعصوم، الغائب حاليًا، والذي سيظهر آخر الزمان ليملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت ظلمًا وجورًا. وتؤكد الروايات أن من أبرز ملامح دولته:

القضاء على التفاوت الطبقي.

رفع الفقر تمامًا.

استرجاع الأموال المغتصبة من قبل الظلمة.

بناء اقتصاد إلهي قائم على الحق والعدل وليس على الربح والاستغلال.

ثانيًا: المبادئ الحاكمة لتوزيع الثروة في دولة الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

الملكية الحقيقية لله:

يقول تعالى: ﴿وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ [النور: 33]، فالثروة ليست ملكًا شخصيًا وإنما أمانة استخلاف. دولة الإمام تطبق هذا المبدأ عبر إعادة هيكلة ملكية الموارد.

القضاء على التراكم الاحتكاري:

تُحرّم الممارسات التي تكرّس ثروات هائلة في أيدي قلة، مثل الربا والاحتكار والغش والسوق السوداء، ويتم تفكيك شبكات الفساد المالي.

العدالة لا المساواة المجردة:

لا تعني العدالة توزيعًا متساويًا للجميع، بل توزيعًا قائمًا على الاستحقاق والحاجة والعمل، وفق ميزان دقيق.

ثالثًا: أدوات وآليات توزيع الثروة

1. الزكاة والخمس

تتحول الزكاة والخمس إلى نظام اقتصادي متكامل، وليس مجرد طقوس دينية.

يتم إنفاقها ضمن نظام مالي عام يهدف إلى دعم الفقراء، والأيتام، والمحرومين.

2. الفيء والأنفال

تشمل الأراضي المفتوحة، والمعادن، والثروات الطبيعية، وكلها تصبح من الموارد العامة التي تديرها الدولة لصالح الأمة لا الأفراد.

3. إعادة توزيع الأراضي

يتم إعادة توزيع الأراضي المغتصبة، بحيث تنتهي سيطرة الطغاة والفاسدين على الموارد، وتُمنح الأرض لمن يعمل بها.

4. إلغاء الطبقية المالية

تقضي الدولة على الحواجز بين الأغنياء والفقراء، حيث يروى في بعض الأحاديث أن الناس يبحثون عمّن يأخذ الصدقة فلا يجدون فقيرًا.

رابعًا: نتائج عدالة التوزيع في زمن المهدي (عجل الله فرجه)

زوال الفقر بالكامل

ورد عن الإمام الباقر (ع): "إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم..." – ما يعني أيضًا اكتمال الوعي الاقتصادي، ما يضمن عدالة توزيع الثروة.

وفرة في الإنتاج وازدهار اقتصادي :

في الروايات أن الأرض تخرج كنوزها، والسحاب يمطر، والخيرات تتضاعف، فيزدهر الإنتاج الزراعي والصناعي.

اختفاء الفساد المالي

لا يبقى مكان لسرقة المال العام، أو للطبقات الطفيلية التي تعيش على معاناة الآخرين.

خاتمة

إن حكومة الإمام المهدي (عج) ليست مجرد حلم غيبي، بل تمثل ذروة النضج الإنساني والاقتصادي والأخلاقي في إدارة الثروات. هي النموذج الإلهي الكامل الذي يُظهر كيف يمكن للاقتصاد أن يكون عادلًا ومنصفًا ومزدهرًا إذا أُسّس على الحق والتقوى، وليس على الربح والاستغلال. إن انتظار المهدي ليس جمودًا، بل هو تحفيز لبناء عالم أكثر عدلًا ونحن نستلهم من عدله القادم.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0634 Seconds